🇸🇾 اقرأه بالعربية | 🇬🇧 Read it in English🗞️ بيان تصحيحي: بشار الأسد بين الحصانة والمساءلة — هل يمكن لروسيا أن تسلّمني؟

بقلم: بشار الأسخر – المراسل الحصري لدكتاتور سابق في حالة لجوء سياسي وفكري، مارس 2025

مقدمة: رئيس على الورق، لاجئ في الواقع

رغم مرور أكثر من عقدين على تربّعي على العرش، ما زلت – رسميًا – رئيس الجمهورية العربية السورية. الانتخابات الأخيرة عام 2021 منحتني 95.1٪ من الأصوات، في عرض انتخابي لم يُخرّب صورته سوى نسبتي المتواضعة. الأمم المتحدة لم تسحب اعترافها بي، والجامعة العربية أعادتني إلى أحضانها عام 2023 كما تعيد الأم إلى صدرها الابن المُشوَّه.

لكن هذا الاعتراف الخارجي لا يُلغي واقعًا آخر: انهيار الدولة، تفكّك الجغرافيا، وانقسام المجتمع بين نازح، لاجئ، جائع، ومؤيّد مُنهَك. في الداخل، أمارس سلطتي ضمن مساحة تقتصر على ما يسمح به شركائي الروس والإيرانيون. وفي الخارج، أتحرّك ببطء ظلِّي، الذي بات أثقل من جسدي.

الوضع القانوني: رئيس غير ملاحق… رسميًا

حتى اليوم، لم تُصدر المحكمة الجنائية الدولية أي مذكرة توقيف بحقي. لماذا؟ لأن سوريا لم توقّع على نظام روما الأساسي، وبالتالي لا صلاحية للمحكمة عليّ، إلا إذا قرر مجلس الأمن الدولي إحالتي. لكن في كل مرة طُرحت فيها فكرة الإحالة، واجهتنا «نيت» روسية و«ربما» صينية.

هل هذا يعني أنني بريء؟ قطعًا لا. منظمات حقوق الإنسان جمعت ضدي ما يكفي من الأدلة لكتابة ملاحم جنائية، من صور قيصر، إلى شهادات المعتقلين، إلى توثيق الهجمات الكيميائية. لكن القانون الدولي لا يتحرّك بالأدلة وحدها، بل بالمصالح.

موسكو: ملاذ أم سجن بواجهة أرستقراطية؟

منذ تدخّلها العسكري المباشر في 2015، باتت روسيا ليست فقط حليفي بل ووصيّي. القواعد الجوية في حميميم، والفيتو في نيويورك، والأوامر من الكرملين. السؤال الذي يطرحه خصومي اليوم: هل يمكن لموسكو أن تسلّمني؟

الجواب القانوني بسيط: إذا لم تصدر بحقي مذكرة توقيف، فلا يوجد التزام قانوني على روسيا لتسليمي. وحتى إن صدرت، روسيا ليست مُلزمة قانونًا لأنّها لا تعترف بالمحكمة الجنائية الدولية. المثال واضح: مذكرة التوقيف الصادرة بحق فلاديمير بوتين نفسه لم تُحرّك ساكنًا في موسكو.

سياسيًا؟ الأمر أعقد. قد أتحوّل في لحظة ما من حليف استراتيجي إلى ورقة مساومة. لكن حتى الآن، لا شيء يدل على أن مقايضة رأسي باتت مطروحة. على العكس، ما زالت موسكو تعتبرني ضمانة مصالحها شرق المتوسط.

سيناريوهات «العودة» أو «التسليم»

في حال ظهرت «سوريا جديدة» عبر عملية انتقالية أو انهيار مفاجئ للنظام، قد يطلب حكّامها الجدد تسليمي للمحاسبة. لكن ذلك يتطلب:

اعتراف روسيا بالنظام الجديد.

قرار سياسي روسي بإنهاء الحماية.

محكمة سورية شرعية ومستقلة.

غطاء دولي يدعم عملية التسليم.

بمعنى آخر: سلسلة خيالية من الشروط المتضاربة. وحتى إن وُجدت الإرادة، يبقى التنفيذ معلقًا بجملة واحدة: «نحن ندرس الطلب» – الجواب الروسي المثالي لقتل أي مشروع غير مرغوب فيه.

الوضع الحالي: لاجئ بدرجة رئيس

أنا اليوم في حالة فريدة: لست ملاحَقًا، ولست بريئًا. لست لاجئًا رسميًا، ولا رئيسًا فاعلًا بالكامل. أحمل ختم الدولة، وأوقع المراسيم، لكن لا أستطيع حجز غرفة فندق في باريس أو إجراء مكالمة علنية مع رئيس غربي.

ماذا يعني هذا؟ أنني – مثل نظامي – عالق. أحكم، لكنني لا أملك الأرض. أتكلّم، لكن صوتي لا يتجاوز حدود الصدى. أتنفس، ولكنني أُختنق. أو لأكون أدق: أشتغل كجهاز تلفزيون قديم في ركن صالة منسية — ما زال يعمل، لكن لا أحد يجرؤ على تشغيله.

خلاصة: هل تُسلّمني روسيا؟

حاليًا: لا. مستقبلًا؟ محتمل، إذا تغيّرت المعادلات.
هل أخشى ذلك؟ ليس كثيرًا.
هل أستعد له؟ دائمًا.
هل أستحق ذلك؟ هذا ليس من اختصاصي.

لكنني أعرف تمامًا: العدالة الدولية لا تطرق بابًا إلا إذا فتحته السياسة أولًا.

المراجع (مما يُكتب عنّا، ونفضّل ألا نعرف أنه كُتب أصلًا — وننفي قراءته لو سُئلنا):

فرانس 24: «هل يمكن للمحكمة الجنائية الدولية محاكمة بشار الأسد؟»
https://www.france24.com/ar/20231027

لوموند: «الإدانة المستحيلة لبشار الأسد»
https://www.lemonde.fr/international/article/2023/12/04

تقارير منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش عن الانتهاكات في سوريا
https://www.amnesty.org/ar/location/middle-east-and-north-africa/syria/

مقابلات وتحليلات قانونية منشورة في مراكز دراسات أوروبية
https://www.ecchr.eu/en/case/syria-crimes-against-humanity/

©Bacharalskhar.info

Nous avons besoin de votre consentement pour charger les traductions

Nous utilisons un service tiers pour traduire le contenu du site web qui peut collecter des données sur votre activité. Veuillez consulter les détails dans la politique de confidentialité et accepter le service pour voir les traductions.